بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ
إِلَاهِي قَدْ غَمَرَتْنِي أَمْوَاجُ بَحْرِ كَرَمِكَ
الزَّاخِرِ الَّذِي لَا يَتَنَاهَى، فَأَحْرِسْنِي فِيهَا حَتَّى لَا أَطْغَى
بِهَا وَثَبِّتْهَا لَدَيَّ بِتَوْفِيقِي لِشُكْرِكَ عَلَيْهَا فَأرَاهَا مِنْكَ
وَإليْكَ وَأكُونُ فِيهَا دَاعِيًا بِكَ إِلَيْكَ إِذْ رَحْمَتُكَ جَاءَتْ بِي
إِلَيْكَ وَفَضْلُكَ دَلَّنِي عَلَيْكَ وَالكَرِيمُ إِذَا أَعْطَى أَجْزَلَ
العَطَاءَ وَرَفَعَ عَنْ عَظِيمِ آيَاتِ جُودِهِ الغِطَاءَ وَكَيْفَ لَا وَأَنْتَ
أَكْرَمُ الأَكْرَمِينَ.
إِلَاهِي مَاذَا عَسَانِي أَسْأَلُ وَبِكَ نَطَقَ
لِسَانِي وَفِي أَيِّ شَيْءٍ أَرْغَبُ وَبِيَدِكَ نَاصِيَةُ جَنَانِي فَأَطْلِقِ
اللَّهُمَّ لِسَانِي بِالقَوْلِ السَّدِيدِ وَاهْدِ جَنَانِي لِمَا يَتَكَفَّلُ
لَهُ فِي نِعْمَةِ شُهُودِكَ وَالأُنْسِ بِكَ بِالمَزِيدِ، رَبِّ اشْرَحْ لِي
صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّنْ لِسَانِي يَفْقَهُوا
قَوْلِي وَاجْعَلْ لِّي مِنْكَ وَزِيرًا يُسَاعِدُنِي عَلَيْكَ وَيُؤَدِّبُنِي
بَيْنَ يَدَيْكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
إِلَاهِي أَنْتَ الوَاحِدُ الأَحَدُ الَّذِي تَنَزَّهَ
عَنِ الشَّرِيكِ وَالنِّدِّ تَعَرَّفْتَ بِنَفْسِكَ لِنَفْسِكَ وَمَتَّعْتَ مَنْ
قَرَّبْتَ بِلَذَّةِ أُنْسِكَ وَأَشْهَدْتَ مَنْ أَحْبَبْتَ أَحَدِيَّةَ قُدْسِكَ
فَأَغْرِقْنِي يَا بَاطِنُ فِي بُطُونِ بِحَارِ أَحَدِيَّةِ ذَاتِكَ وَاسْقِنِي
مِنْ حِيَاضِ مَعَالِمِ عَوَالِمِ بَحْرِ نُورِكَ الأَعْظَمِ وَكَنْزِ سِرِّكَ المُطَلْسَمِ حَتَّى لَا يَبْقَى لِلْسِّوَى عَلَى
قَلْبِي سَبِيلٌ وَاسْقِنِي مِنْ مَخْتُومِ رَحِيقِ خَمْرِ شُهُودِكَ سَلْسَبِيلًا
وَأَخْرِجْنِي يَا ظَاهِرُ بِكَ لِعَوَالِمِ المَظَاهِرِ الَّتِي حَجَبْتَ عَنْهَا
مَنْ قَامَ فِيهَا بِنَفْسِهِ وَأَوْضَحْتَ مَعَالِمَهَا لِمَنْ كَانَ أَكْبَرَ هَمُّهُ
مَعْرِفَةَ نَفْسِهِ وَالتَّمَتُّعِ بِلَذَّةِ أُنْسِهِ وَحَقِّقْنِي يَا حَقُّ
بِحَقِيقَةِ أَسْمَائِكَ وَصِفَاتِكَ حَتَّى أَكُونَ لَابِسًا خِلْعَةَ الحُضُورِ
مَعَكَ فِي سَائِرِ تَجَلِّيَاتِكَ، رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ
وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِّي مِنْ لَّدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا.
إِلَاهِي إِنَّ كَمَالَ العَارِفِ بِدَايَةُ الكَمَالِ
وَالوُصُولَ إِلَى نِهَايَةِ نَوَالِكُمْ دَرَجَةٌ لَا تُنَالُ وَأَنَا أَعْجَزُ
مِنْ أَنْ أَعْرِفَ مَا فِيهِ نَفْعِي وَضُرِّي مِنْ مَطَاعِمِ مَوَائِدِ
الإِنْعَامِ، تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ
أَنْتَ عَلَّامُ الغُيُوبِ، فَأَوْهِبْنِي يَا وَهَّابُ أَعْظَمَ حُلَّةٍ
كَسَوْتَهَا لِأَهْلِ النِّسْبَةِ الإِلَاهِيَّةِ الطَّاهِرَةِ مِنَ
المُتَقَدِّمِينَ مِنْ بَحْرِ نَوَالِكَ الأَعْظَمِ، وَكُنِ اللَّهُمَّ سَمْعِي
وَبَصَرِي وَيَدِي وَرِجْلِي تُلَبِّي قَوْلِي وَتُجِيبُ سُؤْلِي إِنَّكَ عَلَى
كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٍ.
إِلَاهِي إِنَّ بِدَايَةَ الخِذْلَانِ الغَفْلَةِ وَمَعْصِيَّتُكَ
هِيَّ بَذْرَةُ العِلَّةِ فَأَعِذْنِي مِنْ كُلِّ مَا يَشْغَلُنِي عَنْكَ
وَيُبْعِدُنِي مِنْكَ وَسَيِّرْنِي فِي مِنْهَاجِ شَرِيعَتِكَ الأَقْوَمِ
وَأَلْبِسْنِي أَعْظَمَ حُلَّةٍ مِنْ نُورِكَ الأَعَزِّ الأَعْظَمِ وَمَكِّنِّي
فِي تَلْوِينِ تَجَلِّيَاتِ الأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ حَتَّى لَا تَقَعَ عَيْنِي
إِلَّا عَنْ ذَاتِ الذَّاتِ وَغَيِّبْنِي فِيهَا بِكَ عَنْهَا وَتَوَلَّنِي
بِالحِفْظِ وَالرِّعَايَةِ وَالتَّأْيِيدِ وَالتَّمْكِينِ وَأَنْتَ تَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ
يَا رَبَّ العَالَمِينَ.
إِلَاهِي أَنْتَ الآخِذُ بِنَوَاصِي القُلُوبِ
إِلَيْكَ أَمْرُهَا وَبِيَدِكَ أَزِمَّتُهَا فَأَوْفِرْ حَظَّ قَلْبِي مِنْ
مَحَبَّتِكَ الخَالِصَةِ مِنْ شَوَائِبِ العِلَلِ حَتَّى لَا يَكُونَ لَهُ أُنْسٌ
إِلَّا بِكَ وَلَا رَاحَةٌ إِلَّا فِي تَجَلِّيكَ عَلَيْهِ وَتَعَرُّفَكَ إِلَيْهِ
وَاجْعَلِ اللَّهُمَّ سُكْنَاهُ فِي سُرَادِقَاتِ عِــزِّ الأُنْسِ بِكَ
وَالتَّمَتُّعِ بِلَذَّةِ شُهُودِ سَنَاكَ وَاسْقِهِ مِنْ مَنَاهِلِ مَعَالِمِ
المَعَارِفِ اللَّدُنِيَّةِ العَذْبَةِ عَلَلًا حَتَّى يَكُونَ مَنْبَعًا
فَيَّاضًا بِكُلِّ ضُرُوبِ الحِكْمَةِ وصُنُوفِ العِلْمِ يَا عَزِيزُ يَا
وَهَّابُ.
إِلَاهِي كَمْ عَصَيْتُ وَسَتَرْتَ وَكَمْ أذْنَبْتُ
وَغَفَرْتَ، غَطَّيْتَ بِرِدَاءِ سِتْرِكَ عُيُوبِي وَمَحَوْتَ بِيَدِ عَفْوِ
رَحْمَانِيَّتِكَ ذُنُوبِي وَكَشَفْتَ بِعَظِيمِ لُطْفِ إِنْعَامِكَ خُطُوبِي فَنِعْمَ
الرَّبُّ أَنْتَ َتَغْفِرُ الذُّنُوبَ وتَسْتُرُ العُيُوبَ وَتَكْشِفُ الكُرُوبَ
فَارْحَمِ اللَّهُمَّ ضُعْفِي وَأَبْرِئْ سَقَمِي وَأَدِمْ عَلَيَّ نِعْمَةَ
المُعَافَاةِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ إِنَّكَ عَلَى مَا تَشَاءُ قَدِيرٌ.
إِلَاهِي أَنْتَ غِيَاثِي فَعَلَيْكَ تَوَكُّلِي
وَبِكَ عِيَاذِي فَأَنْتَ وِقَايَتِي وَأَنْتَ المَلْجَأُ وَالمُرْتَجَى لِكُلِّ مُضْطَرٍّ
فَمِنْكَ أَسْتَمِدُّ حِمَايَتِي فَأَدِمْ إِلَاهِي عَلَى عَبْدِكَ الضَّعِيفِ
المِسْكِينِ كَرَامَةَ بِرِّكَ وَنَدَاكَ وَلَبِّ نِدَاءَهُ إِذَا مَا نَادَاكَ
وَأَجِبْ دُعَاءَهُ إِذَا مَا دَعَاكَ بِإِنْجَازِ وَعْدِ قَوْلِكَ الحَقِّ
وَكَلَامِكَ الصِّدْقِ، ”وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ“ ”أَغِثْنِي
يَاغِيَاثَ المُسْتَغِيثِينَ“ ”ثَلَاثًا“،”وَأَنْجِدْنِي يَا رَاحِمَ المُسْتَضْعَفِينَ“
”ثَلَاثًا“ وَأَعِذْنِي مِنْ مَكْرِ المَاكِرِينَ وَسَطْوَةِ الظَّالِمِينَ
وَكَيْدِ الشَّيَاطِينِ وَأَسْكِنِّي فِي سُرَادِقَاتِ حِصْنِ لُطْفِكَ الخَفِيِّ
كَمَا يقْتَضِيهِ جُودُكَ وَيَتَطَلَّبُهُ كَرَمُكَ حَتَّى لَا أَشْعُرَ عِنْدَ الإِقْتِضَاءِ بِمُرِّ القَضَاءِ وَأَرْضِنِي
اللَّهُمَّ بِمَا قَسَمْتَهُ لِي أَزَلًا
وَأَوْفِرْ حَظِّي مِنَ الصَّبْرِ فِيمَا جَرَتْ بِهِ
المَقَادِيرُ فَلَكَ الأَمْرُ وَبِيَدِكَ الخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى مَا تَشَاءُ
قَدِيرٌ.
وَصَلِّ اللَّهُمَّ عَلَى مَنْبَعِ المَظَاهِرِ الكَوْنِيَّةِ
قَبْضَةِ نُورِكَ الأَزَلِيِّ الَّتِي تَعَرَّفْتُ بِهَا إِلَيْكَ وَدُلِلْتُ
بِهَا عَلَيْكَ بِعَدَدِ مَا اقْتَضَتْهُ الحِكْمَةُ مِنْ تَحَوُّلِ كَهَارِبِ
الذَّرِّ فِي مَيْدَانَيْ تَجَلِّيَاتِ جَمَالِكَ وَجَلَالِكَ مِنْ أَوَّلِهَا
إِلَى مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ فِي عِلْمِكَ وَعَلَى الآلِ وَالأَصْحَابِ أَعْلَامِ
الإِهْتِدَاءِ وَنُجُومِ الإِقْتِدَاءِ، وَارْضَى اللَّهُمَّ عَنْ كُلِّ تَابِعٍ
لَهُمْ وَمُقْتَفٍ لِآثَارِهِمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ سِيَّمَا تَاجُ
الأَوْفِيَاءِ وَنِبْرَاسُ الأَتْقِيَاءِ بَابُنَا إِلَيْكَ وَشَفِيعُنَا بَيْنَ
يَدَيْكَ مَنْ بِيَدِهِ مَقَالِيدُ مَعَالِمِ مَعَارِفِكَ اللَّدُنِيَّةِ
وَعَوَارِفِكَ الرَّبَّانِيَّةِ مَنْ مَنَنْتَ عَلَيْهِ بِالجُلُوسِ عَلَى
كُرْسِيِّ الخِلَافَةِ المُحَمَّدِيَّةِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدُ المَدَانِي فَأَدِمِ
اللَّهُمَّ كَرَامَتَهُ وَأَجْزِلْ ثَوَابَهُ وَكُنِ اللَّهُمَّ لَنَا وَلَهُ
كَمَا كُنْتَ لِرَسُولِنَا الأَكْرَمِ وَنَبِيِّنَا الأَعْظَمِ المُعَظَّمِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَعَلَى كُلِّ مَنِ اقْتَفَى
أَثَرَهُ وَسَارَ عَلَى مِنْوَالِهِ مِنَ المُنْتَسِبِينَ إِلَى طَرِيقَتِهِ
المَدَنِيَّةِ وَكَافَّةِ أَفْرَادِ الأُمَّةِ المُحَمَّدِيَّةِ إِلَى
يَوْمِ الدِّينِ وَالحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ.